نحن لا نبكي عليهم دماً.. - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


نحن لا نبكي عليهم دماً.. لأن الله لم يخلق في أعيننا مجرى للدم!
عبير – 23\08\2008
وأنا اكتب هذا النص الآن.. لا يتراءى لي وجه وليد جيداً.. فانا لا اذكر ملامح وجهه جيداً..
لكن.. يتراءى لي ارتعاش قلب والدهِ صبراً.. وانشطار قلب والدته حزناً عليه.. وحرقة دموع إخوته أسفاً على شبابهِ...
وأنا اكتب الآن تتراءى لي وجوه أحبته وأعين بكته وقلوب فقدتهٌ
أنا لا اعرف وليد جيداً.. لكني اعرف الموت جيداً
أنا لا اعرف وليد جيداً.. لكني اعرف رعب الفراق جيداً
أنا لا اعرف وليد جيداً.. لكني اعرف مرارة الفٌقد جيداً
أنا لا اعرف وليد جيداً.. لكني اعرف طقوس ما بعد الرحيل جيداً ..
أعرف كيف يذبح فراغ الأمكنة.. اعرف كيف ينحر عطر البقايا ..
اعرف كيف تعود الحياة في بقاياهم بعدهم ..
اعرف كيف تستيقظ في ذاكرتنا أيامهم ..
اعرف كيف تصحو في أعيننا صورهم ..
اعرف كيف يعبث بنا الحنين إليهم ..
اعرف كيف يأتي صباح العيد الأول بعد رحيلهم ..
اعرف كيف تأتي الليالي مٌثقله بتفاصيلهم ..
اعرف كيف تعترض بقاياهم دروب نسيانهم.. وكأنها تتحدى مقدرتنا على الوقوف بعد سقوط حجر الفراق على ظهورنا..
اعرف عن الموت الكثير الكثيـــــــــــــر.. واعرف كيف يموت الأحياء خلف الأموات بلا موت!!
آه لو تعلموا..
العذاب الأكبر ليسَ نبأ موتهِ.. ولا السير خلف جثمانهِ..
ولا الصلاة مع المصلين عليه..
العذاب الأكبر يبدأ بعد انقضاء قدر الموت.. بعد انتهاء مراسم العزاء..
العذاب الأكبر فراغ الأمكنة بعده..
فراغ سريرهِ.. برودة ملابسهِ.. فراغ حذائهِ.. فقد صوته.. ضحكته.. شقاوته.. أنفاسه.. رفاقه.. صوره..
و... انتظارك لهاتفه..

يا رب عوض فاجعتهم بخير.. واربط على قلوبهم بالصبر..
يا رب
 
عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا